Skip to main content
x

منال زريق: لولا بيرزيت ما وصلنا

منال زريق، خريجة جامعة بيرزيت عام 1993 من كلية الاقتصاد والأعمال، هي اليوم سيدة أعمال بمناصب عدة منها، شريك ومدير عام شركة مسار العالمية، التي تشرف وتدير شبكة مؤلفة من  اكثر من 15 شركة داخل وخارج فلسطين. كذلك هي عضو مجلس إدارة لثلاث شركات مساهمه عامه مدرجه  في السوق المالي.

إيمانها في قضية المرأة كان الوقود الذي قادها  للمشاركة في تأسيس منتدى "سيدات الأعمال" ، وتولّت منصب رئاسة المنتدى في البدايات ثم منصب نائب رئيس ثم امينه الصندوق لغايه اليوم. وحاصله على جائزه التمكين الاقتصادي من منظمه الاصوات الحيويه العالميه في واشنطن لعام 2013، حصلت عام 2013 على جائزة التمكين الاقتصادي العالمية، واليوم تطل علينا من خلال قصتها مع جامعة بيرزيت.

طلبة وأساتذة: "عيلة وحدة"

في بداية الانتفاضة الأولى عام 1987، غادرت منال الجامعة بعد إغلاقها من قبل الاحتلال للدراسة في الأردن، لكنها سرعان ما عادت إليها. ورغم كثرة الإغلاقات من قبل الاحتلال في تلك الفترة ولأن الاحتلال اعتبر حينها التعليم "جريمة"، عملت إدارة الجامعة على تعويض الطلبة من خلال الدراسة في الأماكن المتاحة. وتروي منال، "كان تعويض الحصص يجري في عدة أماكن منها قصر الحمرا في رام الله، أو في بيوت الأساتذة، كان ذلك يمنحنا شعورا عاليا بالمسؤولية، والعلاقة مع الأساتذة حينها لم تكن تقليدية، فقد كنا بمثابة عائلة واحدة".

انتخبت منال رئيسةً للجنة الاجتماعية في سكن الطالبات، وبكونها مسؤولة عن طالبات جئن من كلّ محافظات الضفة الغربية "كان علينا تنظيم السكن لكافة الطالبات من كافة المحافظات. الأمر لم يكن سهلاً مع اندلاع الانتفاضة وتضييقيات الاحتلال، في وقت كانت أيضا فيه وسائل التواصل بدائية. إلا أن هذه التجربة كانت مهمة جداً في حياتي، وحتى اليوم أحدث أولادي عنها".

تروي منال قصصها بشغف حين تتذكر أيام الجامعة. فمثلا هي اختارت تخصص المحاسبة في كلية التجارة، لأنّه تقليدٌ متبع في العائلة" أهلي أباً عن جدّ يعملون بالتجارة". وقد كانت الفتاة الوحيدة في التخصص حينها، إلى أن أقنعت إحدى زميلاتها بالتحويل من كلية الهندسة للالتحاق بالتجارة. وتتذكر منال من القصص الموجعة في تلك الفترة، حين دخل جنود الاحتلال على محاضرة في جمعية الشبان المسيحيين لطلبة الجامعة، فقلبوا المقاعد وانهالوا بالضرب عليهم "دخلوا علينا بالدبسات وبلشوا يضربوا فينا ويقلبوا الكراسي، وقتيها اكلتلي قتلة ع اجري، مكنتش قادرة امشي من ألYMCA  لتكسيات بيرزيت، لوصلت السكن."

صامد

كافتيريا "صامد" في بلدة بيرزيت كانت حكاية بحدّ ذاتها بالنسبة لمنال، فعندما اعتاد جنود الاحتلال الدخول إلى البلدة بلباسٍ مدني، وبسيارات أجرة عادية، وبما أنّ معظم الشبّان الفلسطينيين الجامعين كانوا مطلوبين للاعتقال، ولم تكن وسائل الاتصال السريعة كالهواتف المحمولة متوافرة حينها، فالتحذير كان بانطلاق صافرة كلّما دخلت القوات الخاصة على البلدة، ليهرب الشبّان إلى الوديان.   

وبالطبع كانت الفتيات يأخذن أماكنهم، في مقاعد الزبائن، أو حتى في أماكن العاملين: "أوقف ورا الكاش كأنها الكافتيريا إلي، حد يوقف بالمطبخ، كنا نشتغل وكأن الكافتيريا هاي بس للبنات. كانوا بدخلوا علينا ونقلهم هاي بس للبنات ما في شباب عنا."

وفي منع التجول، علقنا في سكن الطالبات، وبعثنا للجامعة أنّنا بحاجة إلى مواد تموينية، فأرسلتْ الجامعة طحيناً، وقسّمنا المهام، ما بين عجنٍ وخبزٍ، لكن تعذّر علينا إيجاد شيء نرقّ الخبز به (نفرده)، وخطرت على بالي فكرة، جمّعتُ كلّ علب مثبت الشعر (كان مثبت الشعر spray أيامها موضة رائجة)، واستخدمناها لرقّ الخبز، وخبزنا وأطعمنا الجميع. 
 

قصة لقائها بزوجها ورفيق الدرب سمير زريق بدأت في الجامعة، فسمير كان رئيس مجلس الطلبة عندما كانت منال رئيسة اللجنة الاجتماعية، وعن ذلك تستذكر "كرئيس لمجلس الطلبة ورئيسة اللجنة الاجتماعية، كنا نقدم التقارير لعميد شؤون الطلبة حينها، في تلك الفترة تعرفنا على بعضنا البعض، وبعد التخرج تزوجنا. واليوم لدينا 3 أولاد".

بعد التخرج: حلم كبير تحقق

في بداية حياتها المهنية عملت منال في احد المصارف لمدة عام، وتركته بعد انجاب أول أطفالها، إلى أن عملت لاحقا كمدير اداري ومالي لشركه مسار ، تقول " البدايات في مسار كان صعبة، كنا نعمل لأوقات طويلة، لكن اليوم وبعد 20 سنة تقريبا بدأنا نحصد النتائج. بدأنا 3 موظفين، وبدأنا بعمل استشارات للشركات، وبحسب العمل بدأ عدد الموظفين يزداد. ومن ثم حدثت نقلة نوعية في عملنا، حيث دخلنا في مجال تأسيس الشركات التي يحتاجها السوق الفلسطيني.

واليوم تقوم شركه مسار العالميه بالشراكه مع شركة الديار القطرية ببناء مدينة روابي. وهي اول مدينه نموذجيه تبنى وفق مخطط هيكلي مدروس وأول مشروع بهذا الحجم على مستوى الوطن".

منال تشغل عضوية المجلس البلدي لمدينه روابي، الذي يعمل جاهدا لتحقيق اهداف المدينه " عم نشتغل مع الهولنديين ليساعدونا كيف منقدر نعملها مدينة ذكية، مثل مدينة ألميرا الهولندية".

فلسطينيات رائدات

لقد حرصت منال من خلال تجربتها وما واجهته من صعوبات على أن تساهم في رفع شأن المرأة الفلسطينية، فكانت من مؤسسي منتدى سيدات الأعمال في فلسطين وهو امتداد لمنتديات عربية يضم أكثر من 25 ألف امرأة عربية. يهدف المنتدى بشكل أساسي لدعم وتقوية دور سيدات الأعمال والرياديات الفلسطينيات. كما يسعى إلى إكساب النساء المهارات اللازمة للانخراط في سوق العمل من خلال مساعدتهن على تقليص الفجوة بين الفكرة الحلم والواقع من خلال برامج مختلفة. "الصبايا الفلسطينيات عن جد عندهم قدرة فظيعة مش موجودة بأي بلد ثاني، يمكن نتيجة الظروف الي عشناها، المشكلة انه بس بدهم الفرص. ومن هون اجت الفكرة بال 2006 لما قررنا انه انا وكمان 6 سيدات أعمال فلسطينيات نشارك في مؤتمر بتونس لسيدات الأعمال العربيات، وطلعنا عليه ووجدنا انه في 17 دولة عربية، وكل دولة بمثلها جمعية سيدات أعمال وبحكوا باسمهم، لقينا حالنا انه مين بده يحكي عنا، لما رجعنا قررنا انه نأسس منتدى سيدات أعمال. شفنا انه هاد المنتدى يكون العنوان الصحيح لأي صبية حابة انها تفتح مشروع، عمل، عندها مشروع بدها تطوره، عندها مهارات بدها تطورها. اليوم  تمكن المنتدى من تقديم خدمات لأكثر من 2000 امرأة."

إلى الخريجين: لولا بيرزيت ما وصلنا

منال حصلت عام 2013 على جائزة التمكين الاقتصادي العالمية، وهي جائزة تمنحها مؤسسة الأصوات الحيوية العالمية، مؤسسة تهدف إلى تسليط الضوء على النساء القياديات اللواتي يتركن بصمات عظيمة في بلدان متعددة وفي حقول متنوعة منها الحقل الاقتصادي. خلال تسلم الجائزة قالت منال "إن هذه الجائزة تعني الكثير بالنسبة لي، وهذا ليس باعتبارها الأكبر في مستواها أو لأنها جائزة عالمية اعتبارية هامة، فقط، وإنما لمساهمتها في تحقيق رغبتي الدفينة لأقدمها للمرأة الفلسطينية التي أعتبرها أسطورة في تحقيق الإنجازات رغم التحديات الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية".

تقول منال، "أنصح الطلبة بالعمل الجاد خلال أيام الدارسة، والموائمة بين الدراسة والعمل. نلحظ كثيراً أن الجيل الجديد يريد أن يتسلم المناصب العليا مرة واحدة، فأنصحهم بصعود السلم درجة، وعدم النظر إلى الراتب على أنه المقياس الوحيد في تقييم العمل، والعمل لساعات طويلة إن تتطلب الأمر، كل ذلك يأتي بثماره. والأهم هو حب ما تقومون به، وأن تبقى الأحلام كبيرة".                                 

وتختم قائلة" أنصح الخريجين بالبقاء على تواصل مع جامعتنا العزيزة، ودعمها مادياً ومعنوياً. كلنا بإمكاننا تقديم الكثير لهذا الصرح العلمي. لولا جامعة بيرزيت علينا، ما كنا وصلنا لما نحن عليه اليوم".

          

أجرى المقابلة وأعدها : سري حرب

تحرير : أمجد سمحان

هذه القصة ضمن العدد الثاني من مجلة جامعة بيرزيت " الغدير"