هند كردي - بيرزيت حلم رافقني منذ الطفولة
هند كردي – خريجة عام 2017- مؤثرة مجتمعية.
درست في جامعة بيرزيت البكالوريوس في تخصص رئيسي الصحافة المكتوبة وفرعي العلوم السياسية، لأعود بعدها والتحق بالجامعة مرة أخرى في تخصص الماجستير في الدراسات الدولية. أعمل حالياً في مشروعي الخاص وهو متجر خاص بالنساء والفتيات المحجبات، وأمتلك صفحة على انستغرام ما لبثت أن انتشرت بسرعة كبيرة، أعمل من خلالها على مواكبة كل جديد، وأقوم بالترويج لمتجري ويتابعني اليوم ما يقارب ربع مليون متابع من كل مكان.
ارتبطت باسم جامعة بيرزيت منذ طفولتي، فأمي خريجة هذه الجامعة منذ 25 عاماً، فغدا حلمي أن أكمل تعليمي فيها، وعند انتهائي من الثانوية العامة، كانت بيرزيت خياري وعدت واخترتها مرة أخرى في الدراسات العليا، ولعل أكبر أثر للجامعة هو صقل شخصية الطالب/ة، شخصيتي هذه التي تظهر في المقابلات، وثقتي بنفسي بكل ما أقوم به أعزوه للجامعة وما تقدمه من مستوى أكاديمي متقدم وجو آمن ديموقراطي ومريح.
جئت للجامعة وأنا لا أعرف أحداً فيها، وكلي لهفة لأعيش تجارب جديدة وأتعرف أناس وثقافات من كل مكان في ربوع فلسطين، فأنا لم آلف إلا بيئة نابلس حينها. في بيرزيت تعرفت على رام الله والخليل والقدس وبيت لحم وجنين، ومكثت في سكنات الطلبة في بلدة بيرزيت وعايشت زميلات من كل مكان، وكانت هذه تجربة أثرت فيّ كثيراً ودعمت استقلاليتي وشخصيتي واعتمادي على ذاتي. وحتى اليوم أقول أنّ أفضل وأجمل سنواتي كانت سنيّ السكن في بيرزيت. فعشت 4 سنوات بحلوها ومرها ومغامراتها بشتائها وصيفها، ومواقفها التي لا تُنسى. وعندما سنحت لي الفرصة لإكمال دراستي في المملكة المتحدة، لأتابع دراساتي العليا، آثرت أن آتي إلى بيرزيت، وأن أكمل فيها.
أذكر أني كنت دائماً أتأخر في الجامعة وأجلس في أروقتها حتى بعد انتهاء ساعات من الدوام، وفي أحد المرات كنت وصديقتي في الطريق إلى البوابات وتفاجئنا بأنها مغلقة وأن الليل قد حلّ، فما كان منّا إلا أن قفزنا عن السور لنعود إلى المنزل. وأذكر أيام انتخابات الجامعة ونشاطاتنا فيها وكيف كانت تلك الأيام تملؤنا شغف. وعندما كنت أرى صديقاتي في الجامعات الثانية، وأحدثهن عن طبيعة تخصصي ودراستي وكيف يدفعنا الطاقم الأكاديمي إلى النزول والبحث عن قصصنا الصحفية في الميدان، كنَّ يُفاجئن من طريقة تعليمنا ومن اعتمادنا على ذاتنا في البحث والتقصي، وهو ما سلحنا بأدوات واقعية للعمل. وعلاقتنا المميزة التي تجمعنا بأساتذتنا كانت دوماً محطة مهمة في حياتي الجامعية، فكنا نخرج من الصف لندرس في الحديقة أو نتشارك كوب قهوة مع أستاذ ونخوض الحوارات ونمارس العملية التعليمية بأساليب متنوعة تتيح مجال النقاش والسؤال مما يشجعنا على المزيد من العطاء.
كل هذه المعارف والتجارب، وغرف التسجيل والتصوير، حملتها معي اليوم في عالم الإعلام الرقمي، والتواصل الاجتماعي، ومن هنا لدي رسالة أوجهها لدائرة الإعلام، هذا المجال اليوم متسارع ويتطور يومياً، وبيرزيت قادرة على مواكبة هذا التطور، والعمل على رفد برامجها بكل جديد وتحديداً في مجالي التصوير والتواصل الاجتماعي، لتكون الأقوى في هذا الفضاء وتداري اهتمامات الأجيال الجديدة، فالإعلام الجديد اليوم يعتمد على المُشاهِد كناقل أيضاً للخبر، وهنا تستطيع الجامعة تأسيس طلبتها في هذه المجالات بوسائل وطرق علمية تضعهم في الطريق الصحي والصحيح للتعامل مع كل هذه التطورات.
أنا اليوم من خلال صفحتي التي يتابعها الكثيرين، أحاول توجيه رسالتي لمجتمعي العربي وتحديداً الفتاة المحجبة، فأحاول دوما عكس صورة الحجاب الجميلة والألوان الزاهية وأنه لا ينتقص من الفتاة وشخصيتها بل على العكس، هو انعكاس لهوية امرأة قادرة على تحقيق ما تريد. وهو علامة للجمال، فالنساء دوماً قادرات وطموحات وقويات ولا حدود لطاقتهن. متابعة الناس لي وضعتني موضع مسؤولية بكيفية نشر رسائلي وتوجيه طاقة إيجابية للمتلقين، فالعطاء الإيجابي جزء لا يتجزأ من الرسالة التي أحاول دوماً إيصالها. وأعلم أني أعكس صورة المرأة الفلسطينية القوية وعليّ أن أكون دوماً على قدر من المسؤولية والإيجابية والطاقة.
نصيحتي للطلبة الجدد في الجامعة، ادخلوها بقلب مفتوح وعقل متفتح، لا تخافوا من تجربة ما هو جديد، ولا من التعرف على عادات وثقافات من البيئات المختلفة، فبيرزيت واحة للتنوع والتعددية، فهذه الأيام رغم صعوبة بعضها إلا أنها ما ستذكرونه لسنوات بعدها. وادرسوا ما تحبون، فالشغف يتولد عندما نختار ما نحب.
أما الخريجون الجدد، فرغم صعوبة سوق العمل والدخول إليه وتوفر فرص في غير مجالات دراستكم، انظروا إلى النصف الممتلئ من الكأس، فأنت خريّج أفضل جامعة فلسطينية، الجامعة قامت بإعدادك بمهارات شخصية تتيح لك النجاح في أي مكان، اسع وفكر، ولا تتردد في إيجاد فرصتك الخاصة، كن ريادياً واخلق العمل الذي تحبه فأنت تمتلك أدوات ذلك. الطريق ليست سهلة ومن الممكن أن تفشل، لكنك بسبب شخصيتك وقدراتك فأنت قادر على النهوض والمحاولة مجدداً حتى النجاح.
ورسالتي لخريجات وطالبات جامعة بيرزيت، كن أنتن، قويات، طموحات، قادرات، فأنتن دوماً ناجحات ولديكن إمكانيات عظيمة أطلقن العنان لها في أي مجال تُرِدنَه، فنحن نصنع مستقبلنا.