Skip to main content
x

ديانا صايج- المثابرة والعمل مفتاح للأمل

ديانا صايج ناصر، مديرة مكتبة جامعة بيرزيت حتى 21/4/2022، ولن أستطيع تجديد عقدي لأنه تم تعيني رئيسة بلدية بيرزيت لاحقاً للانتخابات الأخيرة التي تمت بتاريخ 26/3/2022.

أنا خريجة من جامعة بيرزيت، دخلتها في العام 1977، في كلية الآداب تحديداً دائرة اللغة الإنجليزية والترجمة، وتخرجت منها في العام 1980، بتخصص بكالوريوس تعليم اللغة الإنجليزية ودبلوم التربية، دراستي كانت في جامعة بيرزيت جاءت من كونها الجامعة الأولى الفلسطينية المحلية في ذاك الوقت، حيث كان وضع الأسرة المادي لا يسمح لي بمغادرة الوطن رغم حصولي على القبول من الجامعة الأردنية، أحببت فكرة أن أكون جزءً من هذه الجامعة وأن أنتمي لها.

في السنة الدراسية الأولى تمكنت من تدبر أموري المادية حيث عملت لعامٍ كامل بعد إنهاء المرحلة الثانوية كي أجمع قسطي الجامعي. بعد السنة الأولى تمكنت من إكمال دراستي بسبب تفوقي في موادي الدراسية وحصولي على معدلات تؤهلني من الحصول على منح دراسية كاملة حيث حافظت على وجود اسمي دائماً على لائحة الشرف.

عملت بعد سنوات دراستي كمعيدة في مكتبة الجامعة حيث احتاجت الجامعة في حينها إلى موظف في تخصص اللغة الإنجليزية، وبعد ذلك وبسبب قدراتي في العمل، رشحتني الجامعة للحصول على منحة ماجستير، فحصلت على منحة Fulbright وأكملت الماجستير في تخصص علم المكتبات والمعلومات من الولايات المتحدة الأمريكية، لأعود إلى الجامعة كرئيسة لقسم التصنيفات باللغة الإنجليزية في عام 1983.

في العام 1993 احتاجت الجامعة إلى تأسيس مكتبة الحقوق، فتم انتدابي لتأسيس المكتبة هناك، وقضيت 3 أعوام في معهد الحقوق، قمت خلالها بتأسيس المكتبة، وقد لاحظت الجامعة قدراتي في مجال تطوير المكتبة إلكترونياً، فجاء قرار من الجامعة بتعييني مديرة للمكتبة الرئيسية للجامعة.

استلمت مهامي كمديرة للمكتبة الرئيسية في 14 شباط 1998، وهو يوم عيد الحب، فحبي لبيرزيت كان سبباً لحبي وانتمائي للمكتبة. وبقيت في منصبي حتى وصلت سن التقاعد.

لدي ذكريات طويلة مع الجامعة، فقد عايشت الانتقال من الحرم القديم إلى الحرم الجديد وقمنا بنقل المكتبة وافتتحناها في العام 1985. فأعدنا ترتيب المكتبة وتأهيلها وأرشفتها، فأوصلنا الليل بالنهار خلال العمل وكانت تدير كل هذه العملية مديرة المكتبة آنذاك السيدة عائدة حداد.

تلك كانت فترة الرخاء والسمو لجامعة بيرزيت، فكنا نشعر أننا نصعد إلى القمة طوال سنوات الثمانينات رغم العقبات كلها. بعد ذلك وبتعدد الإدارات واختلاف الوضع العام داخلياً وخارجياً لاحظنا الانتقال والاختلاف الذي أصاب الجامعة، أحسست بأننا تراجعنا قليلاً وهو شعور يؤلمني جداً. إلا أنني محملة بالثقة بالتغيير الحاصل، وبهذا الحماس وهذه الطاقات الجديدة والتي تسعى بحق لإعادة بيرزيت إلى عهدها الذهبي.

ونصيحتي للجامعة المركزية مهمة في إدارة المؤسسة إلا أنها في بعض الأماكن تعطل العمل، لهذا أدعو الجامعة إلى توفير حيز حرية لكل دائرة في إدارة بعض الأمور الداخلية التي تسهل العمل والتي لها علاقة مثلا بموازنات داخلية سريعة وفق قوانين الجامعة مما يوفر حياة سلسة في العمل بالجامعة.  

طوال سنوات عملي في الجامعة كان محركي حبي وانتمائي للمؤسسة وهو الدافع الذاتي لدي لتقديم كل ما أملك من أجل الجامعة، بغض النظر أخذت حقوقي أم لا، فكان العطاء للجامعة هو الأولوية الدائمة لدي.

أتذكر الوقت الذي حصلت فيه على المنحة لإكمال درجة الماجستير، فقد شعرت أن لدي طموح قد تحقق، خاصة مع ظروف الأسرة المادية الصعبة والتي من خلال عملي كنت أساهم بتحسينها قليلاً، فلم تكن لدي القدرة على الدراسة على حسابي الخاص، وفرت لي هذه المنحة نقلة في حياتي يعود الفضل فيها إلى مديرة المكتبة حينها السيدة عائدة حداد التي رشحتني للمنحة.

ولا أنسى الثقة التي منحتني إياها إدارة الجامعة في إدارة المكتبة مدة 23 عاماً، لم تكن المهمة سهلة في كل الظروف التي مررنا بها وكل التحديات والتغيرات التي مرت. فسمعتي ورفعتي بنيت من سمعة ورفعة الجامعة، وكنت ألحظ ذلك عند المشاركة في ندوات ومؤتمرات باسم جامعة بيرزيت، وكنت أفتخر دوماً بتعريف نفسي أني جزء من أسرة جامعة بيرزيت، فكنت عندما أبدع، ينعكس هذا الإبداع مباشرة على جامعة بيرزيت، ففي العام 2017 رشحت من قبل زملاء مكتبيين لا أعرف أسمائهم حتى اللحظة، للحصول على لقب رائدة المكتبيات العرب لسنة 2017، وقد حصلت على المرتبة الثانية، شعرت أن طاقاتي وقدراتي وخبرتي تم تقديرها من أشخاص لا يعرفونني شخصياً وإنما أخبرهم عني زملائي وقرأوا سيرتي الذاتية. فولائي وحبي للجامعة جعلني أسعى دوماً لرفعتها من خلال عملي.

علمتني بيرزيت بأن أسعى للتطور دائماً على الصعيدين الشخصي والمهني، وإلى السعي دائماً للارتقاء في مجال عملي ومواكبة كل التطورات فيه، فلا زلت عضوة في كل الجمعيات المهنية التي تتعلق بمجال عملي، فأنا اليوم منسقة التجمع الفلسطيني للمكتبات الجامعية، ممثلة عن الجامعات ال 16 في الضفة الغربية وقطاع غزة في الاتحاد الدولي للمصادر الإلكترونية (EIFL)، ورغم وصولي لسن التقاعد، وعقدت آخر اجتماع للأعضاء في التجمع، إلا أنهم رفضوا أن أتنحى عن التنسيق للتجمع، بسبب قدراتي وتواصلي المستمر وعملي معهم، فآثروا جميعاً أن أبقى أنا المنسقة.

عن طموحاتي كأول رئيسة بلدية أنثى لبلدة بيرزيت، أشكر بداية أهالي البلدة على الثقة التي أولوني إياها في هذه الانتخابات وأعضاء المجلس الذين رشحوني لهذا المنصب، وبرأيي أن لا فرق بين المرأة والرجل، فهي لديها الطاقات والقدرات وقادرة على الابداع دوماً، فهي قيادية في أولى حياتها حيث تقود أسرتها، وتربي الأجيال كلها التي وصلت إلى مناصب عدة. والنوع الاجتماعي لا يحدد القدرة والمهارة على القيادة فلا فرق بين الرجل والمرأة وإنما القدرة على القيادة هي التي تحدد القائد الجيد.  خبرتي في الجامعة هي ما أكسبتني القدرة الإدارية القيادية لأكون اليوم رئيسة للبلدية بيرزيت وأتمنى أن أتمكن من عكس هذه الخبرات في البلدية. أما طموحاتي فهي وبحسب البرنامج الانتخابي أن نسعى للتغير والتطوير والازدهار لبلدة بيرزيت، وعمل كل ما هو في صالح بيرزيت، فتوجهنا الحالي خو توسيع قاعدة التعاون فلا تقتصر إدارة البلدة على أعضاء بلديتها بل إتاحة المجال كاملاً لكل الخبرات والقدرات الموجودة بالبلدة وتوفير الحيز لهم للنهوض ببيرزيت، وأهم ما سنركز عليه هو الطاقات الشبابية بحيث يكونوا مشاركين فاعلين في كل لجان البلدية، حيث هناك الكثير من الطاقات والابداع لدى الشباب في البلدة ولم يأخذوا حتى الآن حيز للعمل والمشاركة. ونسعى أيضاً لتشكيل مجلس استشاري من ذوي الخبرات والكفاءات في المجالات المتعددة في البلدة لمعاونة البلدية على اتخاذ القرارات بما يصب في مصلحة المواطن.

اليوم وكوني رئيسة بلدية بلدة بيرزيت، فالجامعة هي إحدى مؤسسات البلدة التي سأسعى لدوام علاقة متبادلة وتكاملية بينها وبين البلدية، العلاقة أساساً موجودة وجيدة، فالجامعة توفر منحاً خاصة لطلبة البلدة وتسعى دوما للحفاظ على علاقة طيبة مع مؤسساتها وأهلها.

رسالتي لطبلة جامعة بيرزيت هي أن تعتبروا الجامعة هي بيتكم الثاني وأسرة الجامعة هي أسرتكم الثانية، وكما تسعون دوماً لراحة واستقرار أسرتكم، تعاملوا بالمثل مع الجامعة لتكون دائماً في المقدمة. كونوا على قدر المسؤولية، اسعوا لمصلحة الجامعة والبلد قبل مصلحتكم الشخصية فأنتم قادة المستقبل، فبيرزيت خرجت أجيال سبقتكم وكان من القادة والرياديين والمبدعين والآن دوركم لتتفوقوا أيضا على ذلك.

أما خريجي الجامعة، تفاعلوا مع الجامعة، وشاركوها حكاياتكم وتابعوا أخبارها، فأنتم جزء أصيل من الجامعة وكما تهمكم أنفسكم بالتأكيد تهمكم بيرزيت وخبراتكم وإنجازاتكم وتحدياتكم تنعكس دوماً على الجامعة، فمن شرب من مياه بيرزيت مرة، يعود إليها دائماً.