حين كسرت علا عوض.. كل الإحصاءات
علا عوض، شخصية "إحصائية" بامتياز، تتولى رئاسة المؤسسة الوطنية الأهم في مجال الإحصاء. ما زالت في ريعان الشباب، وما زالت ترى أن العطاء ليس له حدود، في مقابلة خاصة مع "الغدير"، حصلت مؤخراً على شهادة الشخصية المتميزة في القيادة والإبداع(VIP) لعام 2013 التي يمنحها الاتحاد الدولي للإعلام الالكتروني (يونيم) كشخصية متميزة في الأداء والتميز والإبداع في فلسطين. ترى المرأة القيادية، التي لم تتجاوز 38 عاما، أن جامعة بيرزيت واحدة من أسرار نجاحها، وأن شخصيتها، تأسست وصقلت في الجامعة.
لماذا بيرزيت؟
كان عمري 13 عاما حين كان الجميع يتحدث عن جامعة بيرزيت، والدور النضالي والقيادي لطلبتها. أعجبت بهذا الصرح العلمي والوطني منذ ذلك الوقت، وقررت الدراسة فيها. وبعد إنهائي الثانوية العامة قدمت الطلب، وكنت محظوظة أن الجامعة قد فتحت أبوابها في هذا العام بعد إغلاق طويل من قبل الاحتلال الإسرائيلي. التحقت بتخصص الاقتصاد وتخرجت منه عام 1997، وعدت إلى الجامعة بعد سنوات عدة، وحصلت على الماجستير في الإحصاء التطبيقي عام 2010.
ما هي أجمل ذكرياتك في بيرزيت؟
ترتبط الجامعة في ذهني دائما بالفعاليات التي كان يقوم بها مجلس الطلبة، كنت ناشطة في المجلس وكانت تجربة رائعة بامتياز، ساهمت في صقل شخصيتي وتعزيز الجانب الوطني فيها، اذكر عملنا المتواصل لعقد الفعاليات المختلفة، كانت الكتل الطلابية في الجامعة تمارس أدواراً تكاملية، والروح في بيرزيت من أروع ما يكون، ولعل نشاطنا الاحتجاجي رداً على مجزرة الحرم الإبراهيمي أكثر ما تسترجعه ذاكرتي الآن. التجربة في بيرزيت لها خصوصية، فهي تجربة روحانية بامتياز إلى جانب ما فيها من دمج بين الأكاديمي والوطني والحياة العملية، ولذكريات العمل التعاوني وقطف الزيتون في القرى الفلسطينية رونقها الخاص المميز في ذاكرتي أيضا.
كيف أصبحت رئيسة جهاز الإحصاء؟
بدأت العمل وأنا في عامي الدراسي الثاني في الجامعة، حيث عملت مع مؤسسة "صيادلة بلا حدود" وكنت من القلائل الذي يدرسون ويعملون، لم يكون من السهل العمل والدراسة في آن واحد، لكنه كان من المفيد جداً لي، حيث اكتسبت المهارات العملية والثقة بالنفس، وفتحت الباب لي بعد التخرج في الحصول على فرصة توظيف مناسبة. التحقت بعد إنهائي الماجستير الأول في بوسطن بالجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وعينت في العام 2000 مديرا في الجهاز المركزي، وفي هذا العام كنت قد انجبت طفلي الأول، من ثم انتقلت لموقع مساعد رئيس الجهاز للتخطيط والتعاون الدولي، ومن ثم قائم بأعمال رئيس الجهاز لمدة سنتين، ثم رئيسة للجهاز.
وقد فوجئت بخبر تعيني بعد فترة قصيرة، مديراً عاماً في الجهاز، وكنت حينها (26 عاما) وقيل لي أنني أصغر مدير عام في السلطة الوطنية.
ما هو ثمن هذا المشوار؟
المرأة الريادية في مجتمعنا تواجه العديد من الصعوبات، فكلما تم التدرج في السلم الوظيفي كلما زادت الأمور تعقيداً وجهداً، ويكون ذلك على حساب أمور أخرى، أهمها الحياة الشخصية والعائلية.
دور المرأة في يومنا هذا أفضل، فلدينا نساء رياديات وقاضيات، وألوان متنوعة من المشاركة النسوية في مختلف القطاعات، لكن للأسف ما زالت محدودة، فخلال العشر سنوات الماضية ارتفعت نسبة مساهمة النساء في سوق العمل من 10% إلى 17%، وهي نسبة ما تزال متدنية.
على المستوى الشخصي لعلا، سر نجاحي هو أنني استطعت الفصل بين حياتي الشخصية والمهنية، فإذا تشابك الأمرين خسرناهما معاً، فأنا أم لطفلين، وأسعى لتعويضهما عن غيابي، ودائما احرص على تخصيص عطلة يوم الجمعة والأعياد للعائلة، ألعب معهما، وأكون قريبة منهما، فالمنصب جاء على حساب علاقاتي الاجتماعية، التي أصبحت محصورة في الإطار الضيق.
رسالتك للطلبة والخريجين؟
أقول لطلبة بيرزيت عموما، السوق الفلسطيني سوق ضيق، ولا يوجد به متسع للجميع، فنسبة البطالة بين الخريجين عالية جداً وتزيد عن 50%، لذلك يجب عليكم دراسة ما يحتاجه السوق، واختيار التخصص بناء على حاجة السوق، مارسوا العمل أثناء دراستكم واكتسبوا الخبرات، ولا بأس بالعمل في المطاعم والمحال التجارية، حيث يساعد الأمر على اكتساب المهارات والثقة بالنفس وصقل الشخصية. أما إلى الخريجين فأقول لهم لا تصروا على العمل في مجال تخصصكم فقط، اغتنموا أي فرصة تتاح لكم، كذلك كونوا أوفياء لجامعتكم، ساندوها وتواصلوا معها دائماً.
ما هي قصة الشخصية المتميزة في القيادة والإبداع؟
هذه شهادة تمنح من قبل الاتحاد الدولي للإعلام " يونيم" وهو مؤسسة دولية إعلامية متخصصة بتعزيز التنمية والرعاية المهنية والقانونية والاستقلالية لكافة قطاعات الإعلام الالكتروني والعاملين فيه، الخاص والحكومي والأهلي والتعليمي، وبأشكاله وأنواعه المتعددة. وقد تم منحي شهادة الشخصية المتميزة في القيادة والإبداع. أعتبر أن هذه الشهادة هي نتاج جهد جماعي من كل العاملين في مركز الإحصاء. وجميعهم يستحقون هذه الشهادة فلولا العمل الجماعي لما استطاع مركز الإحصاء الاستمرار والتقدم.
أجرى المقابلة وأعدها: نردين الميمي
تحرير: أمجد سمحان