Skip to main content
x

وفاء درويش قصة نجاح مليئة بالتحدي والحياة

الخريجة العزيزة الدكتور وفاء درويش هي شخصية العدد الثالث لمجلة الجامعة " الغدير"، وقد أصدرت الدكتور وفاء درويش كتابها "Not Done With Life Yet" الذي تتحدث فيه عن مراحل حياتها المختلفة، كطفلة، وطالبة في المدرسة، ثم في الدراسات العليا، وتكتب عن الأشخاص الذين كان لهم أثر وتأثير في حياتها. يتناول الكتاب، أيضًا، محطاتها في جامعة بيرزيت، كطالبة أغرمت في الجامعة، وكمدرسة لأدب اللغة الإنجليزية. وهي اليوم تكمل عامها العشرين في الجامعة، وتقص علينا حكايتها مع الجامعة.

حب من أول نظرة

دخلت وفاء جامعة بيرزيت عام 1976 بمحض الصدفة، حيث كانت الحرب الأهلية في لبنان سببًا في أن تترك الدراسة في الجامعة الأمريكية في بيروت، وانتقلت بعدها للجامعة الأردنية. وفي صيف العام نفسه، وعند زيارتها لجامعة بيرزيت، أغرمت بها، حسب تعبيرها، وأصرت أن تبقى بها. تقول: "في اللحظة التي دخلت فيها جامعة بيرزيت، وقعت بغرامها، وقررت أن أكمل دراستي فيها، إلى أن تخرجت منها عام 1978 بتخصص أدب إنجليزي، درسته صدفة، حيث كنت أميل لدراسة المحاماة".

مثلما وقعت في غرام بيرزيت، وقعت في غرام أدب اللغة الإنجليزية، تقول وفاء: "لقد وجدت نفسي في هذا التخصص، ولا أندم نهائيًّا على ذلك، حيث ساعدني على اكتشاف ذاتي".

بعد إتمام البكالوريوس، كانت طموحات وفاء كبيرة، فحرصت على إكمال الماجستير، ولم يوقفها كونها كفيفة أن تكمل مشوارها، فعادت للجامعة الأمريكية في بيروت لإكمال الدراسة عام 1982. إلا أن الاجتياح الإسرائيلي للبنان كان سببًا في أن تعود وفاء لأرض الوطن، لتكمل دراسة الماجستير والدكتوراة في الجامعة العبرية في القدس.

عام 1994، عادت وفاء لبيرزيت لتعلم فيها. تصف شعورها تجاه بيرزيت فتقول: "زي مياه نهر النيل، إذا بتشرب منها، لازم ترجعلها، فرجعت وبديت أعلم في بيرزيت من 1994 وحتى اليوم".

كفيفة في التظاهرات

لوفاء ذكريات عديدة في جامعة بيرزيت، فمرحلة السبعينيات كانت مليئة بالأحداث على صعيد الجامعة والوطن، تلك المرحلة كان للحركة الطلابية في الجامعات تأثير في القرار السياسي الفلسطيني. تقول وفاء عن هذه المرحلة: "يعني إنت بس تقول السبعينات، اسم بيرزيت مقترن فيها. مرحلة التحرر والانطلاق الفكري والقومي والوطني والأممي، يعني كانت مكان يعج بالفكر وبالوعي السياسي والنضال الوطني. كان بكون غريب كثير إني ما أوقعش بغرامها".

تكمل وفاء عن ذكرياتها: "الانتخابات، والمواجهات مع الاحتلال، وتهريب المناشير، ونضالنا من أجل تأميم كافتيريا الجامعة.. كلها قصص مميزة".

كانت وفاء تنشط كمعظم الطلبة في الجامعة، حيث كانت تشارك في كافة الأنشطة الاجتماعية والسياسية التي يقوم بها المجلس. تقول: "رغم أني كفيفة، فقد كنت أشارك بالتظاهرات، وبتذكر دايمًا كانوا صحابي يضحكوا علي لما كنت أرمي الحجارة، ويقولوا لي: "عم تضربينا إحنا، جمعي الحجار بجاكيتك، وأعطينا، إحنا منضرب".

كان لتأميم كافتيريا الجامعة وقع كبير في ذاكرة وفاء، فهي تستذكره اليوم كأنه حصل البارحة: "كنت نشيطة جدًّا مع شباب لليوم أذكر أسماءهم، يعني المزبوط كانت حركات نضالية على مستوى عال، ومن أكثر لحظات حياتي عمقًا وثراء، حيث طبقنا ما تعلمناه في المناهج على أرض الواقع، وهو عدم خصخصة الكافتيريا، وأن تتم إدارتها من الطلبة، ويذهب ريعها للطالب المحتاج. أنا بفكر إنه هذا كان قمة في تقدمية الفكر والقرار".

أشتاق للبيت الدافئ

لقد كان لحرم الجامعة الأول الأثر في مجتمع الجامعة آنذاك، حتى إن إدارة الجامعة واجهت بعض المتاعب من الطلبة عندما انتقلوا للحرم الجديد، لتمسّك الطلاب بالحرم القديم. وفاء تستذكر الحرم القديم الذي كان بالنسبة لها بيتها الدافئ المفعم بالحياة والحيوية، والذي، لصغر حجمه، فقد كانت الجامعة بإدارتها وأساتذتها وطلابها عبارة عن عائلة واحدة. ومن هذه الذكريات تقول: "ولا أنسى أننا كنا أصدقاء مع مجموعة من الأساتذة، نتشارك بالنشاطات الاجتماعية التي تنظمها الجامعة أو تلك التي ننظمها نحن. فكنا نشاهد المسرحيات والأفلام معهم. وعند إغلاقات الجامعة، كانت منازل الأساتذة منابر علم لنا، وأحيانًا كنا نختبئ عندهم من الاحتلال، لقد كنا بالفعل عائلة واحدة".

عِشرة عمر

جمع القدر وفاء مرة أخرى، بعد أن تخرجت، بالجامعة، لكن هذه المرة كمدرسة، حيث بدأت متطوعة لمدة عامين قبل تعيينها في دائرة اللغة الإنجليزية.

وفاء محبة للتعليم، وتنظر للأدب على أنه بوابة للتحرر وتقوية الفكر. وهي سعيدة جدًّا بأن طلابها الذين أصبحوا خريجين يتواصلون معها دون انقطاع حتى اليوم، ومن مختلف الأجيال. تقول: "من عام 1994 لهلا، مرق علي عدد كبير من الطلاب، لحد اليوم أنا وياهم أصبحنا أصدقاء، وبيني وبينهم عشرة عمر. هذا شعور جميل، يعزز انتمائي لجامعة بيرزيت".

تعلموا الإنجليزي!

تشجع وفاء الطلاب على دراسة اللغة الإنجليزية، وترى أنها تفتح العديد من الأبواب للخريجين، خاصة في سوق العمل، فالخريج من هذا التخصص، كما تقول وفاء، بإمكانه العمل في مجال التعليم، كما تفضل، وفي مجالات أخرى، كالترجمة. وعن ذلك تقول: "حقيقة، طلابنا ما عندهم مشكلة في إيجاد الوظائف، هناك طلب كبير على خريجينا، وقلما يكون هناك خريجين عاطلين عن العمل لأن هناك طلب كبير لمتخصصي اللغة الإنجليزية في المجالات المختلفة. مع هذا، أنصح الخريجين أن يتجهوا نحو العمل في مجال التعليم لأهميته وعدم العمل فقط في مجال الترجمة".

نحن بخير

ترى وفاء أن الجامعة ماضية بالطريق الصحيح في علاقتها مع الخريجين، وترى ضرورة استمرار هذه العلاقة وعدم انقطاعها: "أنا شايفة اهتمام كثير كبير وجهد كثير مشكور من الجامعة في آخر 3 سنين، من النشاطات التي تجمع الخريجين، للقصص التي تنشر عنهم، للتغطية التي تقوم بها الجامعة عنهم. سعدت جدًّا للتغطية واهتمام الجامعة لإطلاق كتابي. كمان بشوف في دور للخريجين تجاه الجامعة من خلال دعمها ماديًّا ومعنويًّا، لساتنا بخير".

Not Done With Life Yet

كتاب وفاء الذي حمل هذا العنوان والصادر عن دار الشروق، يحتوي محطات تمثل سيرة لمسيرة نضالية خاضتها ضد الإعاقة والتمييز والظلم والفقد، فقدان الأهل والبيت والوطن، خاصة أن العنوان "لم أفرغ من الحياة بعد" يوحي بمرارة التجربة والاحتفاء بالحياة.

الكتاب بمحتواه، كما تؤكد وفاء، يعبر عنها بشكل كبير، هذا أن شخصيتها تبعد كل البعد عن الجدية في التعامل مع الحياة، وهذا ما جعلها تستمر رغم كل ما عانته، فمن يقرأ الكتاب سيواجه نصوصًا تحمل مراحل مبكية وموجعة، كما سيواجه مراحل مضحكة. تقول: "هذه أنا.. وهكذا ظهرت في الكتاب".

وعن الإيقاع السريع للأحداث في الكتاب، قالت درويش: "إن هذا ما هو إلا انعكاس لإيقاعها السريع في الحياة العادية، وأن ما كتبته لا يشكل ثلث ما عايشته، وإنما هو مجرد لمحات أو ضوء على فترات أو مواقف تركت لدي أثرًا عميقًا، سواء كان الموقف حزينًا أو مفرحًا".

وبخصوص اختيارها للعناوين التي تحمل في خمسة منها أسماء نساء، قالت درويش إن المرأة هي الأساس في حياتها، فلولا النساء لما استطاعت أن تكمل حياتها، وجميع الشخصيات التي اختارت أن تستخدم أسمائها كعناوين في كتابها، تركت في نفسها أثرًا كبيرًا، وأخذت قطعة من قلبها.

 

تأتي هذه المقابلة ضمن العدد الثالث من مجلة جامعة بيرزيت " الغدير"